الأحد، 8 سبتمبر 2024

ظواهر2
الطائفية.. لعبٌ بالنار..!!

*بقلم/ جمال شيبان



لم يكن للصحابة والخلفاء الراشدين- رضي الله عنهم- من مذهبٍ سوى الإسلام.. فلم يكن مذهب الخليفة أبو بكر سنياً مالكياً، ولم يكن عمر بن الخطاب شافعياً، ولا عثمان بن عفان حنفياً أو حنبلياً، ولا الإمام علي بن أبي طالب شيعياً جعفرياً. لقد كان الإسلام مذهبهم جميعاً وبدون أي قيدٍ آخر..
 كلام في منتهى الرقي نشره أحد الأصدقاء في صفحته على الفيس بوك، وقد استوقفتني العبارة وعدت لقراءتها أكثر من مرة. في تقديري أنها وصفة سحرية لكل هذا التيه الذي نعيشه- نحن المسلمون- وصفة لهذا الغرق والإغراق والاستغراق في الماضي الذي نندفع ويدفعوننا إليه.. وملخص هذه العبارة : "إن الدين عند الله الإسلام".. والدين مرتبط بالجزء الروحي والمعنوي في الإنسان ويستحق منا أن نهتم ونفكر فيه ونعيش به ومن أجله. أليس ما كل أعمالنا نقصد بها رضى الله سبحانه وتعالى؛ إذاً فمن الواجب قبل الإتيان بها أن نضعها في ميزان العقل والتفكير من باب هل هذا العمل يرضي ربنا؟!! وإذا كان كذلك فإنه بمنتهى التأكيد سوف يرضي عباده الذين استخلفهم على الأرض وأمرهم بتعميرها والمشي في مناكبها..!
ومن هنا سأسحب هذه الاستهلالة على موضوع المقال الرئيس وهو من الخطورة بمكان، حيث بدأ يظهر على السطح في بلدنا والكثير من البلدان العربية في الفترة الأخيرة، وأزداد بعد أحداث الربيع العربي، ألا وهو "الطائفية" وتصنيف الناس حسب معتقداتهم ومذاهبهم. قد يقول قائل: " أن هذا الموضوع قديم" ، نعم وقديم جداً! لكنه كان يظهر على استحياء، أو من بعض ما أُصطلح على تسميتهم بـ "المتطرفين" من هذا الفريق أو ذاك، وكانت لغة العقل وتصدي العقلاء تخمد شرارات هذا الخطر قبل أن تندلع.. لكن الملاحظ حالياً أن ذلك السلوك لم يعد مقتصراً على من ذكروا؛ والأدهى والأمر أن العديد بدأوا يوقظون هذه النيران الوحشية، وقد أصبح مجالاً خصباً للتراشق بين الغالبية على اختلاف مستوياتهم.!!
ويظهر جلياً أيضاً أن الانتماءات السياسية أو الآراء الفكرية هي الأخرى بدأت تطغى على تعاملاتنا مع بعضنا، وأصبح التعصب الأعمى هو المنطق السائد، وكل ذلك لماذا؟ أمن أجل السياسة وسدة القرار؟! لا أظن أن هناك مبرراً آخر!.
أيها العقلاء تنبهوا وتداركوا الموضوع قبل فوات الأوان؛ فالفتن الطائفية إن اشتعلت نيرانها فعلى البلد السلام.
أعرف أن هناك قلوباً موجوعة لأي أسباب كانت- فالسنوات الأخيرة حبلى بالمواجع والفواجع معاً- وأن هناك خلافات عميقة، وأن الطرق لتجاوز ذلك ربما قد سُدت، ولكن لماذا لا نفكر بعقلانية وقلوب مفتوحة ونعود للمنطق وإلى جادة الصواب ومقتضاه- أن الدنيا بكلها وكمالها لا تساوي عند الله جناح بعوضة- وأن هدم الكعبة- قبلة الإسلام وبيت الله الحرام- أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم..
ولمن يبحث عن أسانيد لأفعاله؛ هذه دعوة لإعمال العقل والعودة إلى صحيح الدين، ففيه ما يسر الناظرين ويضمد جروح الموجوعين، لماذا لا تكون العودة إليه إلا لتدعيم آراء أو معتقدات البعض في التفريق والقتل- فالدين أسمى وأرفع، وحاشاه أن يكون دالاً أو دليلاً على هذه الفضائع التي تُرتكب باسمه- لماذا لا تعودون إلى صحيح الدين للبحث عن ما يلم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم؛ فعلى هذا النهج النبوي العظيم سار خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بعده والتابعين ، وقد عبر عن ذلك جلياً أحدهم وهو الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) بقوله لبني هاشم وغيرهم عندما ظهرت بوادر الصراع على الخلافة: " شقُّوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طرق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة..." وبقوله: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين.." نعم هؤلاء هم صحابة رسول الله ومن تعلموا على يديه به وبهم نقتدي وعلى نهجهم نسير، فقد كان نعم المعلم القدوة وهم نعم الصحابة.
 وأخيراً إني أدق ناقوس الخطر راجياً أن لا يظن البعض أني استعجلت في طرح الموضوع؛ فأن نحتاط ونتجنب البلاء قبل حدوثه هو أفضل بكثيرٍ من محاولة علاجه بعد أن يتوغل وينتشر، وهم إن تفكروا في ما يحدث ملياً فانا على ثقة أنهم سيراجعون أنفسهم وسيقفون إلى جانبي للمطالبة بذلك، وعلى كلٍ الوقاية خير من العلاج.
اللهم احفظ اليمن وأهله، واحقن دماء المسلمين في كل مكان.
* كاتب وباحث إعلامي

الأربعاء، 19 مايو 2021

الدكتور شفيق العماد - رئيس فريق زرع الكلى في اليمن - استشاري الأمراض الباطنة مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا - جمال شيبان

 

لروح الطبيب الإنسان شفيق العماد:

   ما أنت إلا ملك كريم..!

                                                       أ. جمال شيبان

                                                          كاتب وباحث إعلامي

                                                          رئيس تحرير مجلة التأمين الصحي



أيها الشفيق: ليتنا نرحل كرحيلك؛ فمثلك لا يرحل بل من لم ينهل من منهلك، من لم يقتفي أثرك، ومن لم يمشي على خطاك، أما أنت فباقٍ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء..

ما هذا الوداع العميق؟!

 ما كل هذا السواد الذي خلفه رحيلك المُر ؟!! حيثما يممنا وجوهنا فثمة قصة حزن عليك، ثمة عيون تذرف الدموع دماً وهي تبكيك، وثمة أرواحاً أرهقها الشوق إليك.

ما هذا الكرم؟!

كريماً حتى في حزن الناس عليك، علمتهم الكرم فردوه لك حزناً عميقاً فاضت منه القلوب والأكباد وجعا، فاضت به العيون والمقل دماً ودمعا، وفاضت به الحروف والكلمات ضيقاً ووسعا.

أيها الشفيق: لقد أبكرت الرحيل؟!

ولو كان بأيدينا لما سمحنا لك بالانصراف مبكرا، فالمرضى يئنون من بعدك؛ والأصحاء الذين كتب الله شفاءهم على يديك، وكل الناس الذين يعرفونك، يؤرقهم بُعدك..

ما كل هذا يا شفيق؟!

كيف تسللت إلى قلوبنا؟! كيف تشرَبت بحبك عروقنا؟!!

كلما حاولت أن أخرج من دائرة حزنٍ عليك؛ أغرق في أخرى.

كل يوم وأنا أتابع أجزاءً من شريط حياتك؛ أسمعها وأقراؤها على هيئة قصص وحكايات، قد تختلف في أشخاصها وتفاصيلها من رواية إلى أخرى، إلا أنك وإنسانيتك القاسم المشترك بينها.

عشنا معك وجع إصابتك بالداء الذي أصابك لحظة بلحظة، وأحسسنا به عندما سرى في جسدك؛ يسري في أرواحنا.

كنا نخاف من السؤال للاطمئنان عليك حتى لا تصدمنا الإجابة، تلك الإجابة البائسة، اللعينة التي مللناها وكرهناها: "لم يتحسن بعد"، التي ما أن نسمعها حتى نعود نغط في حزن عميق..!

عندما علمنا بخبر إصابتك، ظننا أنها أسبوعين، ويعود كل شيءٍ على ما يرام، وتعود لنا بابتساماتك "والفَرَقة" المميزة التي بين أسنانك والتي كنا معها نشعر بالاطمئنان في شدة المرض أو الخوف عند مرض من نحب، لكنها كانت جزء من التحاليل التي لا تقرؤها الأجهزة الطبية، وتشير بوضوح إلى أن العلاج ممكناً وأن العافية قريبة، حيث كانت بداية الطريق إليها هو الوصول إليك و"التطبب" على يديك، فقد كان ذلك موهبة وسراً من أسرار الله التي وضعها لديك.

ظننا أنها أسبوعين وتعود سالماً معافاً، حينها فكرنا بطبيعتنا البشرية بأن نطمئن عليك عن بعد عبر "الاتصال" حتى تمر فترة الخطر من العدوى، نعم فكرنا كذلك لأننا بشر ضعفاء عاديون لم نمتلك قلباً مثل قلبك، ولم يكن لدينا رصيداً وهامش أمان مثل ما تمتلك لآخرتك، كل ما فعلته أنت كان عكس ما فعلناه تماماً، ففي الوقت الذي فكرنا في الهروب، كنت أنت في مقدمة الصفوف رغم أنك كنت في حلٍ من ذلك، والحق كله معك، والأعذار كلها في صالحك، فأنت ممنوع من الاقتراب نتيجة ارتفاع عوامل الخطورة لديك وهو ما حدث، وقبل ذلك فقد كنت في إجازتك السنوية التي اعتدت على أخذها في شهر رمضان لتختلي بربك، وإن كانت إجازة شكلية قد يستفيد منها الجسد قليلاً، إلا أن روحك وفكرك لن يكونا معك؛ فهما هناك حيث يكون مرضاك وطلابك وكل من يحتاجون إليك، تعيش معهم وتتواصل بهم لحظة بلحظة. نعم لم تكن بشراً عادياً مثلنا -ومثل البعض- جميعنا آثرنا السلامة؛ فلو كنت كذلك لنجوت ببدنك، لكنه قدرك واجهته بشجاعة، اخترته راضياً مطمئناً، اخترت النهاية التي تحبها، والخاتمة الي تليق بك، ومثلك لا يخاف رحلة الموت الطويلة فقد أعددت لها العدة، وجهزت ما يكفيك فيها، ومثلك لا ينتظر الموت حتى يأتيه بغتة، بل ذهبت باحثاً عنه، مختاراً له، ورغم دعواتنا لك بالسلامة والعودة لنا، إلا أنك أحببت تلبية دعوة من هو الأكرم منا واستبدلت بمصاحبتنا المؤقتة؛ صحبة الدائم الذي لا يزول، ولكل ذلك أدركنا يقيناً أيها الشفيق أنك لم تكن بشراً؛ فما أنت إلا ملك كريم.. شآبيب رحمة ربي ورضوانه تغشاك.

 

 

الخميس، 20 أغسطس 2020

من مواطن في يـريـــم إلى الزعيم كيــــم..!! جمال شيبان

من مواطن في يـريـــم إلى الزعيم كيــــم..!!

                                                               جمال شيبان

من مواطن في يريم إلى الزعيم كيم
نزلت البلاد أعيد، أديناها من صنعاء إلى يريم حوالي ساعتين وجلسنا بالدائري حق يريم حوالي نص ساعة (تزيد/ تنقص)..
وصلت القرية ضابح جداً وفي داخلي قد نسفت المسئولين عن هذه الكارثة والاهمال نسف ولا برد قلبي..
المهم ما عد فصل بيني وبين الضبح والجن الي كانوا يحرضوني على المسئولين في يريم وإب إلا من سلطانه لا يُقهر (النوم)..
ولما استغرقت بالنوم أحلم لكم بطيب الذكر الرئيس الحبوب "كيم جونغ أون" حق كوريا الشمالية -طبعاً كلكم تعرفوه-، "خير اللهم اجعله خير"، حلمت إن الرئيس "كيم" من عندنا ونزل يقضي إجازة العيد في البلاد، ولهول ما شاهده وما حس به من رضرضه وخضخضة والوقت الي مارضيش يزلج وهو مكانه؛ سأل السواق: "أين قد إحنا يا جونق جانق هونق"؟!
رد عليه: "في يريم يا فندم".
قال الرئيس: "من أول في يريم؛ مالك ما تسرع"
رد السواق: "يافندم أنت عارف بالطرق حق يريم"
قال الرئيس: " أيش فيها (طبعاً بلهجة أهل يريم)"؟!
قال السواق: "يا فندم نزل الزجاج وشوف"
صاح الرئيس: "الله أكبـــــــــــــــــر"، وأمر بتوقيف الموكب..!!
وبالصدفة كنت جازعي، صيحو لي الحراسة يا أخ، طبعاً أنا سمعتهم بس عامل نفسي ميت..، هذولا حرس كيم جونغ مش لعبة، حاولت أدعمم صيحو بصوت أعلى، قلت لهم أهلا وسهلاً، من العايدين، يريم ترحب بكم... قالو أبوها الهدرة جاوب الرئيس.. هذيك الساعة يبسين ركبي، وعجمت، والخضلة ما أقول لكم.!!
وصلنا لا عند الرئيس وقد أنا شبه ميت..
قال لي: "أيش اسمك" بنفس لهجتنا
ما عد أقدرت أرد جم.. جم.. جما...
قال : "خلاص أبوه مش مهم"
قال لي: "أنت من يريم"؟!
أوميت له برأسي يعني أيوه، لأن لمبة الصوت عندي طفيت ولا عد حرف..
المهم قال: "ليش بلادكم مكسرة هكذا، أيش كل هذا الدمار، هل فيه مسئولين بيمرو من هنا"؟!
أوميت له أيوه..
قال: "أشتي منك تقول لي من سبب هذا الدمار، هات أسماؤهم"..
نزل عليا الوحي ولصيت لمبة الصوت وقلت له: يا فندم أنا ساكن بصنعاء قد لي خيرات، ما بلا نزلت أعيد، كسرو أرجلي من حين نزلت..
قال: ليـــّه"؟! (محتفظ بلهجتنا الله يحفظه)..
قلت له : "تكسرت سيارتي في الدايري حق يريم ما كودنا خرجت من المدينة خلها على الله يا فندم".
قال: ولا يهمك سلم لي على أصحاب يريم وأشتي منكم أسماء المتسببين بهذه الكوارث، أشتي أعين هم بعقولهم، وعاد شي ضمير أو ماشي، وبعدا لي خبر، حرام ما ينطزو".
وخلا الحراسة جابو لي رقم أتواصل معهم وأبلغهم بالأسماء..
وآخر كلمة قالها: "منتظر الرسالة لا تتأخر".. وانطلقوا
ذلحين ما عدناش بالطرق حق يريم ولا بسيارتي الي تكسرت، ولا بالمسئولين عن ما حدث ليريم يستاهلو..!
جالس أهُم أيش عتكتب له وما ناش عارف بشي، رجعت كتبت عنوان للرسالة، الي أنتو قريتوه بالبداية..

من مواطن في يـريـــم إلى الزعيم كيــــم..!!

والله مالي علم بحاجة لكن عتدلك على أصحاب الخبرة ومن بيتابع الموضوع أكثر مني عليك وعلى بشير المصقري ومجمل الوجيه وهم عيزيدو يشوفو ناس جنبهم ويتابعو الموضوع...
وبعدا صحيت جيت وهو حلم، حمدت الله وعملت سجدة شكر، ولا ذلحين وأنا مطنن..
*ملحوظة الصورة هذه كان بيأشر لا عند الماء ويهدد مدري أيش قصده، كل واحد يفكر وممكن يفيدنا أيش قصده..!
أعتذر للإطالة فالحلم كان طويل يشبه طول الإهمال حق يريم تماماً..
دمتم بود

الأربعاء، 8 يوليو 2020

جمال شيبان - جمال محمد صالح شيبان Jamal Shaiban:         كــورونـا:يجتاح العالم(1)إما الصين أو إيط...

جمال شيبان - جمال محمد صالح شيبان Jamal Shaiban:
        كــورونـا:يجتاح العالم(1)إما الصين أو إيط...
:         كــورونـا : يجتاح العالم (1) إما الصين أو إيطاليا.. القــرار قــرارك!!                                                    ...

كورونا يجتاح العالم: (2) لا إفراط ولا تفريط!!


كورونا يجتاح العالم:
(2) لا إفراط ولا تفريط!!
                                                
                                                                         *بقلم: أ. جمال شيبان
                                                                  كاتب وباحث إعــلامي
               
"هل تعتقد أنه يوجد حالات اصابة بالمرض في اليمن ؟!" كان ذلك هو السؤال اليومي والمتكرر الذي يكرره على مسامعي كل من أتحدث معهم أو أنصحهم بالوقاية، ويأتي السؤال الثاني مكملاً للإنكار وهو : "طيب ما فيش أحد من الي نعرفهم أصيب، ولم نسمع عن إصابة أو وفاة أحداً منهم أو من أقاربهم؛ إذا المرض غير موجود..!!" وبهذا الانكار يخلص كل منكرو وصول كورونا إلى اليمن حديثهم منتظرين أن يسمعوا أو يرون الموتى بأم أعينهم حتى يصدقوا..
وكان ردي بأننا إن وصلنا إلى هذه المرحلة التي تنتظرون فيها التعازي والإحصائيات بأعداد الموتى؛ فسيكون الوباء قد وصل وتغلغل في أوساط المجتمع وعندها لا ينفع الندم، وللأسف هذا ما حدث..!
 إذاً ليس بالإمكان أفضل مما كان، والمرض قد وصل وأصبح واقعاً فما الضرر من اتخاذ الاحتياطات اللازمة الكفيلة بحمايتهم وأسرهم ومجتمعهم، وما الصعوبة في الالتزام بالنظافة؟! وما المشكلة في أن تجلس في البيت إن لم يكن هناك أمر ضروري أو حاجة لمغادرته..؟! فالوقاية نجاة من الإصابة وهي إجمالاً خيراً من العلاج..
أعلم أننا في وضع يصعب علينا فيه مقارنة أنفسنا أو امكانياتنا بالدول التي فرضت حجراً صارماً لمواطنيها، -ومعه تكفلت بكافة متطلباتهم ومستلزماتهم وبالتالي نجحت في محاصرة الوباء- لأن الغالبية هنا تكاد تحصل على قوتها يوماً بيوم وهو ما يجعل الوضع معقداً للغاية، وهنا لا بد من وقفة حتى لا نظلم طالبي الرزق (بشكل يومي).
أولا: هل بالإمكان اتخاذ الاجراءات الاحترازية لتجنب الإصابة حتى لا يقع فريسة لهذا الوباء الذي لا يرحم ولا يفرق بين من خرج لكسب قوت يومه وبين من خرج لمجرد الخروج.. حسناً فلتخرج ولكن اعلم أنك تخرج وتعمل لتعول من ينتظرون عودتك أنت -حتى لو كنت صفر اليدين- فحافظ على سلامتك واحمي نفسك من أجلهم، ومن أجلك.
وكذلك كل من كان لديه ضرورة للخروج سواءً لشراء حاجات البيت (المصاريف) أو للعلاج أو غيرها من الضروريات الملحة فلا بأس ولكن احمي نفسك والتزم بإجراءات الوقاية..
ولكن لا ضرورة للدخول في التجمعات والازدحام ولا للقاءات، وبالإمكان المحافظة على مسافة آمنة وعدم الاقتراب، كما أنه لا داعي للتسوق من الأماكن المزدحمة أو زيارتها وإن كانت ضرورية أو تتفرد في أشياء معينة ولا يوجد بدائل، فعليك محاولة اختيار أوقات تكون فيها (فاضية) وغير مزدحمة.. كما ينبغي أن تكون اليد مقيدة -قدر المستطاع- عن لمس الأسطح والأشياء فاليد هي أحد المتهمين الرئيسين في قائمة ناقلي كورونا ويجب تنظيفها باستمرار.
أما بالنسبة للبائعين أو سائقي الباصات أو مقدمي الخدمات عموماً فيجب عليهم أخذ الحيطة والحذر من النقود فهي ناقل كبير، كما يجب أن يلتزموا بارتداء الكمامات نظراً للواقع الذي يفرض عليهم التعامل المباشر مع كم كبير من المواطنين.
كما أن عادات المقيل وغيرها من العادات الاجتماعية لم تنقطع وخصوصاً من قبل معشر النساء -صاحبات الواجب- (فتفاريطهن) قد تقضي على أسر بأكملها ولا يمكن أن تنقضي أو تنتهي..
في وباء مثل كورونا يجب التعامل على قاعدة "لا إفراط ولا تفريط"، فلنأخذ بالأسباب ولنتعامل بحكمة؛ فمثل ما ليس كل (كحة) هي كورونا، -ومن بدأت لديه أي أعراض فليبدأ بالعزل الذاتي عن الأهل وليلتزم بالإجراءات المتعارف عليها- فإن المحافظة على الهدوء والثقة بالنفس وعدم الدخول في مرحلة الوهم  والخوف من عدم تجاوز الأزمة هي أول خطوات الشفاء، وكما قال ابن سيناء "الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء والصبر أول خطوات الشفاء".
                                                                                                              *مستشار التحرير سابقاً
                                                                                                                        مجلة الرسالة الطبية: العدد (62)اً

كورورنا يجتاح العالم 1 جمال شيبان


        كــورونـا: يجتاح العالم
(1) إما الصين أو إيطاليا.. القــرار قــرارك!!

                                                 *بقلم: أ. جمال شيبان
                                                كاتب وباحث إعــلامي
         
جمال شيبان
ضرب وباء كورونا-COVID 19- الصين وكانت مدينة "ووهان" هي البؤرة الأولى لظهور وانتشار فيروس كورونا في الصين وعبر العالم، فكيف كان التصرف وإدارة الأزمة من قبل الصينيين بمختلف مستوياتهم؟!
انتشر الوباء بطريقة متسارعة ومرعبة حيث ضرب المدينة بدون سابق إنذار؛ فطبيعة المرض كما اتضح لاحقاً أنه يتخذ موضعه في جسم الإنسان بهدوء ثم يعلن عن ذلك من خلال الأعراض المعروفة بعد مرور مدة من الزمن -14 يوماً هي مدة حضانة الفيروس وحتى ظهور بداية الأعراض- ولم يتم اكتشاف الأمر إلا بعد أن كان الوباء قد انتشر في المدينة ومنها إلى العالم.
مثلت الصين "تجربة فريدة في مواجهة المرض واحتوائه" بحسب إشادة منظمة الصحة العالمية، فقد سخّروا كل امكانياتهم -وهي مهولة- وبدأوا باتخاذ إجراءات جريئة لمواجهة الوباء؛ وكل ذلك لا يغير من الأمر شيئاً فالعالم يعرف الامكانيات الفائقة للصين. لكن تظل إجراءات العزل الصحي وحظر السفر من وإلى ووهان والخروج أو التجول الذي شمل الصين كاملة -من وجهة نظري- هي العلامة الفارقة في انحسار وانتهاء هذه الكارثة لديهم حتى وصلت إلى تسجيل (صفر) إصابة جديدة في الأيام القليلة الماضية، ويُحسب ذلك للمواطن الصيني الذي امتثل للقرار واستطاع حماية نفسه والآخرين. والآن بدأت الحالة تعود إلى طبيعتها بشكل حذر حيث رفعت السلطات الصينية قيود السفر من وإلى ووهان، لكن هل يعني ذلك العودة إلى الحالة الطبيعية السابقة؟! بالقطع لا، فستظل الإجراءات الاحترازية كما هي.
ولكن، هل انتهى وباء كورونا من الصين؟
أعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين أنها أحصت خلال  24 ساعة فقط في الأيام الماضية 34 إصابة جديدة بالوباء، جميعها لدى أشخاص وافدين التقطوا العدوى أثناء وجودهم خارج البلاد.
وهذا معناه أن المرض انحسر داخل الصين التي انتشر منها إلى العالم، وبدأ العالم يسدد ديونه للصين من خلال مواطنيها الذين يعودون من تلك البلدان حاملين معهم الفيروس.
 وهذا يجعلنا ندق ناقوس الخطر فطالما وبلدنا -حتى الآن- خالية منه، فإن المفروض أن يتم إغلاق مجالنا الجوي وكافة المنافذ أمام أي رحلات قادمة سواء كان القادمون موظفين أممين -حتى لو كان غوتيريش ذات نفسه- أو مواطنين عائدين إلى البلد، بل ونتمنى منهم -إن كانت لديهم الإمكانيات- أن يبقوا في الخارج حتى تتضح الصورة، وسيكون ذلك أصدق وأعلى درجات الوطنية والانتماء لهذا البلد، فلا نريد لتلك المآسي التي رأيناها أن تتكرر. وإن صعب ذلك فتبقى أماكن الحجر لمدة 14 يوماً هي الملجأ الأخير رغم ضعف الإمكانيات، لكن قد تفي بالغرض نوعاً ما.
وفي مقابل ما تم في الصين لدينا عدة نماذج أخرى للتعامل مع الحدث، ولعل النموذج الإيطالي هو الأبرز، حيث كان الاستهتار وعدم الالتزام بإجراءات الوقاية هو السائد فماذا جنى الإيطاليون من ذلك؟!
الذي جنوه، آلاف المصابين بكورونا تجاوز عددها في الصين، والوفيات كانت الضعف والعدد مرشح للزيادة، بالرغم من أن النظام الصحي في إيطاليا من أفضل الأنظمة في أوروبا لكن الوباء شكل ضغطاً كبيراً على المؤسسات الصحية التي هي مهيئة للتعامل وفق ظروف طبيعية لكن المفاجأة كانت أكبر؛ وهنا أوجه هذا النداء إلى اليمنيين أن يكونوا بحجم المسؤولية، فما هي إمكانياتنا لمواجهة هذا الوباء إن تسلل؛ بالقطع أننا لا نمتلك إمكانيات الصين ولا حتى إيطاليا، لكن لا تزال لدينا فرصة لاختيار طريقة التعامل مع كورونا من خلال الالتزام بإجراءات الوقاية التي يُعلن عنها باستمرار، بل وأتمنى أن تتحول لتصبح ثقافة مجتمعية دائمة؛ فالنظافة من الإيمان وهدفها حماية نفسك والآخرين.
وأنا على يقين أننا لو طبقنا تلك الإجراءات؛ فستختفي العديد من الأمراض والأوبئة التي نتبادلها ونتناقلها فيما بيننا -سواء الحديثة منها مثل كورونا وأخواته (سارس وميرس)، أو أنفلونزا الخنازير والطيور. أو القديمة التي عفى عليها الزمن كالأنفلونزا العادية والكوليرا والأمراض المعدية الأخرى- والتي من تسميتها يتضح أنها انتقلت بالعدوى من شخص آخر؛ بالتأكيد لم يكن ملتزماً بالنظافة. كما أتمنى الالتزام بالبقاء في المنازل قدر المستطاع وأن لا يكون الخروج إلا لضرورة قصوى ومعها الالتزام بإجراءات الوقاية المعروفة، وهذا بدوره سيحول دون انتشار المرض، أو انحساره إن وصل إلى بلدنا لا سمح الله.
وفي الأخير هناك نموذجين واضحين ومختلفين جذرياً في التعامل مع وباء كورونا المنتشر حالياً؛ هما النموذج الصيني والإيطالي، فإما الصين أو إيطاليا.. والقــرار قــرارك.
مجلة الرسالة الطبية: العدد (61)